خاطرة للتذكرة والتبصرة للحديث عن منافع ومقاصد الحج
خاطرة للتذكرة والتبصرة للحديث عن منافع ومقاصد الحج
متابعة: سامية عبد الحميد
نقلا عن فضيلة الدكتور ابراهيم الجمل ….مدير منطقة الوعظ بالازهر الشريف بالاسكندرية
ذكر
إن الحديث عن منافع الحج
الإيمانية والأخلاقية ، والاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، والثقافية والصحية …لا تحصى
فالحج يحقق مقاصد الشريعة الإسلامية السمحة …
.
فمن المنافع الإيمانية والتى تزيد العبد إيماناً مع إيمانه :
. منها التجرد لله سبحانه وتعالى والعيش من أجل طاعته وتحقيق رضاه يظهر ذلك من التضحية الذي يقدمها الإنسان من أجل طاعة ربه ومولاه وترك كل شئ والتجرد من المخيط والمحيط …
. وكذلك تنزيه الله سبحانه وتعالى وبيان التوحيد الخالص لله من خلال العج، والثج (عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: (العج والثج) رواه الترمذي)
والعج هو: التلبية الخالصة التى هي شعار التوحيد لله رب العالمين والثج : وهو الذبح لله وحده دون من سواه سبحانه وتعالى
. رؤيته للآيات البينات ومنها مقام إبراهيم …قال تعالى ( فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ. …)
. التذكير بيوم القيامة وأن الرجوع إلى الله وترك الدنيا وما فيها والتجرد من المخيط والمحيط ولبس ملابس الأكفان يوم قادم لا محالة ، وأن الناس لابد أنهم مجموعون للقاء رب العالمين في صعيد واحد لا فرق بين غني وفقير ولا رئيس ومرؤس الكل سوف يكون سواسية كأسنان المشط ، كذلك الحال في عرفات فالموقف في عرفات أشبه بعرصات يوم القيامة ، لا هم ولا طمع لأحد إلا في أن يغفر الله الزلات ويقيل العثرات ويفيض على خلقه بالرحمات …
لذلك كانت بداية سورة الحج لم تتحدث عن أركان الحج أو مناسك الحج وإنما الحديث فيها كان عن وصف يوم الحساب …قال تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1). )
ومن المنافع الإيمانية
كثرة الدعوات المباركات عند أول بيت وضع للناس ، والقرب من الرحيم الرحمن ، والتذكر والتمتع بالأماكن الطاهرة التي مشي فيها خليل الرحمن والذبيح الأول جد خير الأنام صلى الله عليه وسلم .
والصلاة بأجر مضاعف الصلاة بمائة ألف صلاة إنه أجر وثواب عظيم …
والتأكيد على عالمية رسالة الإسلام ، وأن الأمة الإسلامية هي الأمة الوارثة لأول بيت وضع للناس باتفاق الأديان السماوية ،
. وكذلك إحياء الحذر من العدو الأول الشيطان الرجيم وكيف أن شعيرة الرجم تذكر بهذا التحذير بعدم إتباع خطوات الشيطان ..
. وكذلك الهدي بالغ الكعبة
وما فيه من التراحم والخير والتكافل والتعاون والمواساة التي تعد من أرقي المنافع الإيمانية والإنسانية الربانية التي حث عليها رب البرية قال تعالى
( فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ) ( فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ. ….)
👇
. …
ومن المنافع الأخلاقية
أن يعتاد الحاج على نمط جديد كله حسن للخلق وتمسك بالذكر والفكر وحسن القول والعشرة …
هو فرصة لتغيير ما في النفوس (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ …)
وترك الجدال ، والتعاون ، والمشاركة الإيجابية الفعالة في التنافس في الخيرات والعمل الصالح ….
👇
…
ومن المنافع الاقتصادية
التبادل التجاري ، والبيع والشراء بين الناس ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ. )
وهو تأكيدا على أن رساله الإسلام هي رسالة دين ودنيا ، وأن الحفاظ على القوة المالية والاقتصادية جزء من قوة الأفراد. والأمة …
لذا كان مما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من خطبة الوداع قوله (إنَّ دِماءَكُم، وأمْوالَكم وأعْراضَكُم حرامٌ عَلَيْكُم كَحُرْمة يومِكُم هَذَا، في شهرِكُمْ هَذَا، في بلَدِكُم هَذَا، ألا هَلْ بلَّغْت) متفقٌ عَلَيهِ.
👇
..
كما أن من المنافع السياسية ، إظهار وحدة الأمة ، وقوة تماسكها الروحي والإيماني ، وأن قوتها تكمن في الاعتصام وترك التنازع ( وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ )
وأن أفرادها ما زالوا يأتون من كل فج عميق مضحين بكل غال ونفيس من أجل التلاقي في أرض الله وعلى هدف رضي الله على الرغم من اختلاف ألوانهم وألسنتهم وأوطانهم وعاداتهم وبيئتهم وأحوالهم …
👇
…
أما عن أهم أمارات المنافع الاجتماعية ، من التماسك الأسري والاجتماعي. الذي يكون الحج سبباً في زيادته سواء على مستوى الأسرة الخاصة أو الأسرة الإنسانية الكبرى لبني أدم ، وما يحدث من محبة وتزاور وتهادي وتحاب قبل رحلة الحج أو بعد الرحلة ، وكذلك ما يحدث من تصالح وقضاء على الخصام والشقاق بين العائلات داخل البلد الواحد .. ، وما يحدث من تعارف وتحاب بين بني آدم على الرغم من اختلاف ألسنتهم وألوانهم وتحقيق أن تقوى الله هي المعيار الحقيقي بين الشعوب ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ.. )
ويتضح ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع
( يا أيُّها الناسُ إنَّ ربَّكمْ واحِدٌ ألا لا فضلَ لِعربِيٍّ على عجَمِيٍّ ولا لِعجَمِيٍّ على عربيٍّ ولا لأحمرَ على أسْودَ ولا لأسودَ على أحمرَ إلَّا بالتَّقوَى إنَّ أكرَمكمْ عند اللهِ أتْقاكُمْ )
👇
…
وبتدقيق النظر في المنافع الثقافية والمعرفية للحج
نجد أن مناسك الحج تعلم الفرد والمجتمع أنه لابد من المحافظة على قيم ومعايير إنسانية ودينية ،
كقيمة
العمل الصالح
والصبر
والتراحم
والتواصي
بالحق
وحب الخير للغير
وتدريب العقل البشري على العيش في سلام نفسي وحب السلام والتسامح مع كافة المخلوقات والبيئة ، والتدريب على نقاء القلوب والعقول والنفس ، والتدريب على العيش بالحرية المسئولة عن طريق اختيار نوع الإحرام الذي يتناسب مع ظروفه وأحواله … ، وتربية العقل على العمل الجماعي وحب النظام واحترام الخصوصية الفردية ، وكذلك التدريب على الإلتزام بخطة العمل وأن هناك خطوات محسوبة مرتبطة ببعضها البعض ، تدريب العقل على التزاوج والترابط بين العلم والعمل ، والحفاظ على الوقت لأنه رأس مال الإنسان ولابد من تعلم كيف يدار هذا الوقت .. ، وأنه لابد من تعلم الضبط السلوكي والأخلاقي والقيمي .
👇
…
أما عن المنافع الصحية والنفسية
فيكفي ما يشعر به الحاج من الراحة النفسية نتيجة الفرح والسعادة من الوصول إلى البقاع الطاهرة ، وأن ما يقوم به من سعي وطواف وقضاء للمناسك إنما يكون تفاعلا بدنياً وروحيًا يجعل السقيم صحيحاً والعجوز شاباً إنما هي سعادة النفوس وراحة القلوب باصطفاء الله واختياره لمن اختاره لزيارة بيته الحرام ، فضلاً عما يجنيه الحج من الشفاء والتداوى بماء زمزم فهي كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم ( إنها [يعني : ماءَ زمزمَ] مباركةٌ، إنها طعامُ طُعمٍ وشفاءُ سُقمٍ )
🌹
فالحج مدرسة كبيرة
هي المتممة لأركان الإسلام الخمس وأن بها منافع للناس لا يحصيها إلا من حثنا على تتبعها حتى نشهدها ( لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ…………
وصل اللهم وسلم وزد وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
.