مقالات

عن رمسيس الثانـي (أنت القاضـي سيدي القارئ)

عن رمسيس الثانـي (أنت القاضـي سيدي القارئ)

بقلم: محمد عزت

سيدي القارئ.. لماذا اختاروا رمسيس الثاني بالتحديد؟ لأنه منذ أقدم العصور يُعتبر من أشهر وأعظم ملوك مصرالقديمة على الإطلاق ولذلك تكون الضربة إليه شديدة التأثير؛ لكي يظهر للعالم بأنه كافر وجبار ومُدعي الآلوهية ملعون في كل الأديان السماوية، وهذا يترتب عليه بأن كل ملوك مصر القديمة بعدة لابُد أن يكونوا على شاكلته أو أشد منه في الجبروت والكفر، وكذلك قومهم القدماء المصريين ولهذا سوف أسرد بعض النقاط لكي لا أطيل عليك سيدي القارئ وأثبت براءة رمسيس الثاني.
١_سيدي القارئ بعد كل التحريفات التي حدثت في التوراة من قِبل اليهود القدماء لم يستطيعوا أن يحددوا اسم فرعون واعتبرت التوراة اسم فرعون لقب وأطلقته على كل حكام مصرالقديمة.. فتجد في التوراة مذكور فرعون ملك مصر.
2- سيدي القارئ انظر إلى قول الله في سورة القصص الآية 9
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ ۖ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)
صدق الله العظيم.
هذه الآية توضح لنا أن فرعون وزوجته كانا عقيمين لا ينجبون، ولكن رمسيس الثاني كان له ثماني زوجات وأكثر من 130 ولد، فما هو الداعي بأن رمسيس الثاني يأخد ولدا ليس من صُلبه ليجعلة قرة عينٍ له.
٣_مذكور في سفر الخروج 11/5
(فيموت كل بكر في أرض مصر من بكر فرعون الجالس على كرسيه)
هذا نصهم في التوراة سيدي القارئ فمن المُدهش أن العكس هو ما حدث.. فقد تولى مرنبتاح الابن الأكبر البكري لرمسيس الثاني الحكم بعده وجلس على العرش، بل واتهموا مرنبتاح أيضًا بانه فرعون الخروج.
4- لكي يثبتوا التهمة على رمسيس الثاني سيدي القارئ لقد أطالوا الفترة الزمنية ما بين عصر يوسف -عليه السلام- وهو بالتأكيد في زمن الهكسوس وبين عصر موسى -عليه السلام وخروجه، فإن نسب موسى -عليه السلام- ( موسى بن عمران بن قاهث بن لاوي بن يعقوب -عليه السلام-) ثلاثة أجيال فقط فبدلًا من أن تكون 135 عام على أقصى حد فتخطوا كل الحدود ليصلوا إلى ملك مصري بعينه وهو رمسيس الثاني وجعلوا هذه المدة 500 عام ( خمسون قرنًا تقريبًا)
عبورًا بالعصر المتبقي من الهكسوس 135 عام ثم دخلوا إلى عصر ما بعد طرد الهكسوس عصر أحمس الذي طردهم وأسس الأسرة المصرية 18، ثم أمنحوتب الأول، ثم تحتمس الأول، ثم تحتمس الثاني، ثم حتشبسوت، ثم تحتمس الثالث، ثم إخناتون، ثم سمنخ رع، ثم توت عنخ أمون، ثم أي، ثم حور محب 14 ملك خلال الأسرة 18 التي ظلت 272 سنة وكل هذا ولم يلد موسى حفيد قاهث فدخلوا على الأسرة 19 وكان رمسيس الأول أول ملوكها، ثم ست الأول ثم أخيرا جاء رمسيس الثاني ليكون المتهم الأول في قضية فرعون الخروج عام 1224 ق.م.
سيدي القارئ بين ولادة موسى -عليه السلام- وجده قاهث 500 سنة فهل هذا يعقل؟
بالمناسبة هنا سوف أتبع مقولة (إذا ضربت فاوجع فإن العاقبة واحدة) فدعني أظهر لك سيدي القارئ تحريف التوراة.
ففي سفر التكوين 15/13
(فقال لإبرام.. أعلم يقينًا أن نسلك سيكون غريبًا في أرض ليست لهم ويستعبدون لهم فيذلونهم أربع مائة سنة)
وفي سفر الخروج 12/40
(وأما إقامة بني إسرائيل إلى أقاموها في مصر فكانت أربع مائة وثلاثون سنة)
أيهما نصدق أيها القارئ؟ لا تعليق…
٥_سيدي القارئ انظر إلى قول الله -تعالى- في سورة الأعراف الآية 137
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137)) صدق الله العظيم
يؤكد الله -تعالى- في هذه الآية في كلمة ودمرنا تدل على التدمير الكامل والانتقام من فرعون وقومه فدمر الله كل ما شيدوه من أثار ومنشاءات، وقد اكتشف الأثاريون لهذا الملك الألاف من التحف والقطع الأثرية وعشرات المعابد وكثيرًا منها في حالة معمارية كاملة.
فإن أنظار العالم كله سيدي القارئ تتوجه إلى معبد أبو سمبل في محافظة أسوان في العام مرتين لمشاهدة ظاهرة تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني يومي 22 فبراير و22 أكتوبر من كل عام في ظاهرة فلكية فريدة لتثبت للعالم عظمة وقدرة المصري القديم على الحسابات الفلكية والهندسية.. ليظهر وجه رمسيس الثانى يوم ميلاده ويوم تنصيبه ملكًا على عرش مصر، لذلك أؤكد أنه لا يستقيم الإبادة التامة والتدمير الإلهي لصناعات فرعون وقومه وما كانوا يعرشون مع أثار الملك رمسيس الثاني ومعابده وكل صناعاته التي اكتشفها الأثاريون حتى الآن.
6- إذا نظرنا سيدي القارئ سنجد تاريخ رمسيس الثاني معروفًا ومسجلًا يومًا بيوم منذ ولادته وحتى وفاته، ولم يحدث في عصره أي بؤس، أو شقاء، أو ماشية مقتولة، أو نهر تحول إلى دماء كما هو مذكور في التوراة،
في سفر الخروج 9/6
(ففعل الرب هذا الأمر في الغد فماتت جميع مواشي المصريين)
وفي سفر الخروج 7/17
(هكذا يقول الرب: بهذا تعرف أني أنا الرب، ها أنا أضرب بالعصا التي في يدي على الماء الذي في النهر فيتحول دمًا) فبهت كل اليهود وأتباعهم من كتبه قصص الأنبياء عندما تم اكتشاف أثار رمسيس الثاني ووجدوها مليئة بالرفاهية والرخاء والبناء والعمارة في كل مكان، ورمسيس الثاني كل يوم يزداد انتصارًا ومجدًا وهذا كله عكس ما ذكر في التوراة.
7- هل يعقل سيدي القارئ أن رجل بعمر 94 عام أن يركب عجلته الحربية ويقود جيشه الذي كان يصل إلى أكثر من مليون جندي، ويسير في طرق غير ممهدة ودروب صحرواية وعرة وبسرعة كبيرة؛ لكي يتمكن من اللاحاق بالهاربين، وفي النهاية يموت غريقًا على الرغم من أن الدراسات الطبية على المؤمياء أثبتت بأنه كان يعاني من أمراض الشيخوخة كالروماتيزم والتهاب المفاصل وضعف النظر وانحناء الظهر وكان يسير متعكزًا على عصاه بصعوبة فأين العقل في أن نصدق بأن رمسيس الثاني هو فرعون الخروج؟
8- أما بالنسبة للادعاء الذي يقول أن رمسيس الثاني مات غريقًا وهذا يثبت أنه فرعون الخروج فإن هذا الادعاء كذب سيدي القارئ؛ لأن مومياء ملك مصر المعظم رمسيس الثاني سافرت إلى فرنسا عام 1976 م للعرض على أكبر فريق طبي وعلمي يتكون من 150 عالمًا وباحثًا ومتخصصًا من (المركز القومي للبحوث العلمية، ومؤسسة الطاقة الذرية، وإدارة الطب الشرعي، ومعهد الحفريات البشرية، ومعهد باستور، والمعهد الجغرافي الوطني، وقسم المصريات بمتحف الوفر، والمتحف المصري للتاريخ الطبيعي.

وقد أعلن رئيس الفريق المعالج الدكتور(بالو) في تقريره الطبي:
*أن الفحوص التي أجريت بالأشعة السينية على الهيكل العظمي للملك رمسيس الثاني على الجمجمة والصدر والحزام الصدري والبطن والعمود الفقري والحوض واليدين والساقين أثبتت أن الهيكل العظمي سليم بصفة عامة وبصورة تثير الدهشة.
*اليدين سليمتان ولا وجود لأية علة.
*شرخ بين الفقرتين السادسة والسابعة من فقرات العنق وهذا حدث أثناء التحنيط الذي قام به كهنة قدماء المصريين، وقد فعلوا هذا لكي يستقيم رأس الملك الذي كان بالغ الانحناء إلى الأمام بسبب كبر السن.
*الملك رمسيس الثاني كان متوسط الطول وأن طول الجثمان 172 سنتمير.
*الملك كان يعاني من الآم شديدة؛ بسبب خلل في أسنانه، والتهاب في المفاصل، وهذه المعاناة استمرت طوال العشرين سنة الأخيرة من عمره.
*لون بشرة الملك رمسيس الثاني أبيض قريبًا من سكان البحر المتوسط في العصور القديمة وهذا يدل على الأصل الشعب المصري القديم.
*شعر رمسيس الثاني لا يزال بعد ثلاثة قرون طريًا محتفظًا بلمسته الحريرية، وأن الملك كان يستعمل صبغة صفراء مخففة لم تُعرف ما أهميتها على وجه التحديد ويحتمل أن تكون حناء.
برغم الحصار اليهودي على الملك والعلماء هذا كان مضمون التقرير، ومن جانب أخر سؤال يطرح نفسه كيف سيكون حال المؤمياء لو كانت هي مؤمياء الفرعون الغريف؟
يقول الخبراء إذا افترضنا أن الأمور كان على أحسن ما يكون وأنه جراء تحنيط الجثة بمجرد أن طفت على سطح الماء، وفي مكان غرقها فلابد أن تظل أثار التحليل واضحة حتى بعد التحنيط سوف تظهر انفصال الجلد عن اللحم وسقوط الشعر والأظافر وجحوظ العينين أو تدمرها تمامًا، ووجود الجثة على نفس الشكل الذي انتشلت به من الماء والفم مفتوح والأطراف متباعدة والجفون مفتوحة.
انظر إلى الفرق أيها القارئ فملكنا المعظم رمسيس الثاني راقد الآن بجسم سليم كامل الأطراف والجلد والأظافر حتى شعره ورموشه فإن طريقة التحنيط تدل على أنها تمت بطريقة نموذجية.
وبرغم كل ذلك ادعوا أنه فرعون الخروج.
*وآخر نقطة سوف أتحدث عنها سيدي القارئ هي وثائق كارتر.
بعد أن انتهت المعارك الشرسة التي دارت في المحاكم المختلطة بين كارتر مكتشف مقبرة توت عنخ أمون وبين وزارة الإشغال العمومية، انتهت المعركة بإلغاء تصريح العمل لكارتر، فلم يجد كارتر أمامه إلا سبيل واحد لإنهاء ذلك المأزق وهو طلب دعم القنصلية البريطانية بالقاهرة لتساعده في مواجهة الحكومة المصرية، واعتقد كارتر أن نفوذ القنصل العام البريطاني يكفي لاجبار سعد زغلول على دفع مصلحة الأثار لاستخراج تصريح عمل جديد لاستكمال العمل بالمقبرة، ولكن في ذلك الوقت كان من الصعب الوصول إلى الجينرال (اللمبي) المندوب السامي البريطاني على مصر. فرأى كارتر أن يتوجه إلى القنصلية البريطانية بالقاهرة ويرى ماذا سيفعل، ولمّا وصل القنصلية أدخلوه إلى مكتب أحد المسئولين وعرض عليه كارتر كل المتاعب والمشاكل التي عاناها وما زال يُعانيها من الحكومة المصرية، وكان كارتر على يقين بأنه سوف يجد الدعم والتسهيلات المطلوبة، ولكنه تفاجأ بالرد وهو أن القنصلية لا تملك ما تفعله ضد قرار الحكومة المصرية أو ضد مصلحة الأثار.. فأحس كارتر بأن ذلك الموقف أهانه فثار وتبادل مع المسئول عبارات حادة ثم أنذر كارتر نائب القنصل قائلًا: إن لم أحصل على ترضية تامة وحقوق كاملة سأنشر على العالم كله نص البردية التي وجدتها بالمقبرة والتي تظهر الوقائع الحقيقة لخروج أبناء إسرائيل كما سجلتها الحكومة المصرية القديمة عند الخروج من مصر، وهنا سوف أقف سيدي القارئ لقد رأينا أن كارتر أخذ البرديات من مقبرة توت عنخ أمون الذي عاش ومات بعد أحمس وقبل أن يولد رمسيس، فالعقل يقول أن أي بردية سوف تكتشف في المقبرة لابُد وأن تتناول أحداث تسبق إغلاق المقبرة.
وهذا يُثبت بلا ما يدع مجال للشك أن خروج بني إسرائيل كان في عصر الملك أحمس من المسيحيل أن يكون في عصر الملك رمسيس الثاني.
وهنا أنهي دفاعي عن أعظم ملوك مصر القديمة رمسيس الثاني.

الحكم إليك سيدي القارئ…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى